سلامة الغذاء من المزرعة إلى المائدة
يحدث الإنتشار الوبائي لبعض الأمراض المتسببة عن الطعام بشكل منتظم من فترة لأخرى، فمثلاً حدثت إصابات كبدية بسبب الفراولة، وإنتشرت بكتيريا E. coli عن طريق عصير التفاح، وبذلك إهتزت ثقة المستهلك في سلامة الغذاء.
ويصل عدد الذين يتعرض لبعض الأمراض الناتجة عن الغذاء إلى 1-4 مليون نسمة سنوياً، ولكن لا يتم تسجيل وتشخيص معظم هذه الحالات، إنما يتم تفسيرها على أنها نزلات معدية. وعلى أى حال فهناك حوالى 9000 حالة وفاة نتجت عن الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء وبالنسبة للخضر والفاكهة فإنه يتم حصادها في موسم ما، وتصنيعها في مصنع ما، ثم تتم تعبئتها في مصنع آخر، ثم يتم تقديمها في مكان ما أو في المنزل.
هذا وقد يتم حصاد هذه المحاصيل يدوياً، ثم تخزن قبل عرضها في المحلات وإستهلاكها في المنازل. وتعتبر كل خطوة من الخطوات السابقة فرصة لوصول المسببات المرضية إلى الطعام.
والسؤال الآن: ما هي نسبة الأمراض التي تنتقل عن طريق هذه المحاصيل والتي تبدأ الإصابة بها في المزرعة؟
لا أحد يعرف الإجابة عن هذا السؤال! لكن هناك بعض الخطوات الإيجابية التي يمكن للمزارع إتخاذها لتقليل مخاطر الإصابة بهذه المسببات المرضية التي يمكن أن تصيب هذه المحاصيل في المزرعة منها :
1- التربة النظيفة:
يعتبر الاستخدام السيئ للأسمدة العضوية مصدراً هاما ومخاطرة كبيرة تساهم في نشر الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، فالمسببات المرضية مثل الإي كولاي والسالمونيلا يمكن أن توجد في التربة حتى ثلاثة أشهر، تبعاً لدرجة الحرارة وحالة التربة.
ومن المزعج للمزارعين أنه توجد بعض المسببات مثل الليستريا Listeria قد تبقى على الخضر المنزرعة، رغم أنها لا تعيش في التربة نفسها. ولتقليل تلوث التربة، والإستفادة من السماد العضوي كمصدر سمادي ومغذِ للنبات- ينصح بتلافي إضافة السماد المكمور ( الكمبوست ) على سطح التربة، بل يفضل أن تكون إضافته تحت سطح التربة.
2- الماء النظيف:
يجب التأكد من نظافة الماء المستخدم في الري السطحي للمحصول أو غمره أو عملية تصنيعه، ولابد من إجراء الإختبارات اللازمة للتأكد من نظافة مصادر المياه القريبة من ماء الصرف الصحي غير المعالج، أو القريبة من أماكن الإنتاج الحيواني.
3- الأيدي النظيفة :
إن عدم اهتمام العاملين أو فشلهم في غسل ايديهم بعد استخدام دورات المياه، أو عند الإصابة بفيروسات الأمراض الكبديةلا- كانت دائماً أهم أسباب إنتشار الأمراض الناتجة عن الغذاء؛ لذا يجب الاهتمام بنظافة العاملين ليس في محطات التعبئة فقط، بل في الحقول والبساتين أيضاً، وتوفير الصابون والماء الجارى والفوط ذات الاستخدام لمرة واحدة، والتمسك بقيام العاملين بغسل أيديهم قبل تداول الخضر والفاكهة.
وليكن ملعوماُ أنه لا توجد طريقة تضمن أن كل شىء تزرعه وتنتجه وتأكله خال من التلوث الميكروبي، ولكن يمكن تقليل المخاطر بإتباع خطوات وقائية بسيطة قبل أن يخرج المحصول من المزرعة.
وسوف نستعرض فيما يلي بعض الأقتراحات عن كيفية تقليل التلوث الميكروبى في الحقل:
أولاً: قبل الزراعة:
يجب استخدام السماد العضوي كلما أمكن ذلك.
يجب استخدام طرق جيدة لإضافة السماد العضوي ( مثل الخنادق في التربة الرملية والأراضي المستصلحة) ومعرفة مصادره، وتسجيل الكميات المضافة سنوياً، نظرا لأن المسببات المرضية ذات قدرة محدودة على المعيشة في التربة.
تخزين السماد العضوي:
يجب تخزين السماد قبل إضافته للتربة المنزرعة بالخضر لمدة 60 يوماً في الصيف، و 90 يوماً في الشتاء، حيث أن إطالة فترة التخزين تقلل من نسبة المسببات المرضية.
عمل المكمورات ( الكمبوست ):
يجب الاهتمام بالمكمورة، حيث إن إنشاءها بطريقة سليمة يؤدي لقتل معظم المسببات المرضية؛ نتيجة ارتفاع درجة الحرارة لدرجات كبيرة .
توقيت إضافة السماد العضوي :
في الخريف : يفضل أن يضاف السماد العضوي لكل الأراضي التي ستزرع بالخضر وهو دافئ والتربة غير مشبعة أو تحت محصول تغطية، وذلك لتقليل التعرية وفقد العناصر الغذائية.
في الربيع: يفضل إضافة السماد العضوي قبل زراعة المحصول الحقلي في الدورة الزراعية، كما يجب عدم جمع المحصول قبل مرور 120 يوماً من إضافه السماد العضوي.
اختيار المحصول المنزرع بدقة:
يجب تلافي زراعه المحاصيل الجذرية أو الورقية القريبة من سطح التربة في سنة إضافة السماد العضوي.
إضافة الأسمدة العضوية أثناء المحاصيل الحقلية المستخدمة في الدورة الزراعية.
تعتبر مخاطر إضافة الأسمدة العضوية للمحاصيل المعمرة محدودة، حتى لو تم حصادها يدوياً.
يصل عدد الذين يتعرض لبعض الأمراض عند الغذاء إلى 1/4 مليون نسمة سنوياً، ولكن لا يتم تسجيل وتشخيص معظم هذه الحالات، إنما يتم تفسيرها على أنها نزلات معدية. وعلى أى حال فهناك حوالي 9000 حالة وفاة نتجت عن الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء.
ثانياً: أثناء الإنتاج:
تعزيز النظام الصحي للعاملين:
يجب توفير وصيانه دورات المياه بالمزرعة مع العناية بنظافتها.
توفير الصابون والماء المتجدد، والفوط ذات الاستخدام لمرة واحد لغسل الأيدي، مع التأكيد على استخدامها.
إختبار مياه الرى:
يقلل استخدام مياه الآبار الجوفية من مخاطر تلوث المياه إذا كانت البئر مغطاة، وإبعاد الحيوانات عن مصادر إعادة ملء الآبار.
يجب إختبار مياه الأبار كل 3 شهور.
عند استخدام الماء العادي في الري السطحي يجب اختبار المياه 3 مرات في الموسم أثناء فترة الاستخدام العالي ونهاية الموسم، خاصة لو مر الماء خلال مزرعة إنتاج حيواني، أو وحدات معالجة الصرف الصحي.
توجد مخاطر محدودة في حالة استخدام ماء الشرب في الري؛ لذا يجب الاحتفاظ بسجلات اختبارات المياه.
اختيار طريقة الري:
يجب استخدام نظام الري بالتنقيط كلما أمكن ذلك، حيث إنه لايؤدي للتلامس المباشر بين مياه الري والمحصول، كما أنه يرشد استخدام المياه.
وهناك بعض الاحتياطات الأخرى الواجب مراعاتها لمنع تلوث المحصول بالمسببات المرضية:
يجب عدم استخدام السماد البلدي في الإضافات السمادية أثناء الموسم.
يجب إستخدام سماد المكمورة.
عدم السماح بالرعي للحيوانات داخل المزرعة، بما في ذلك الطيور الداجنة أثناء موسم الحصاد.
تقليل فرص مرور الحيوانات البرية بالمزرعة كلما أمكن ذلك.
ثالثاً: أثناء الحصاد:
تعزيز النظام الصحى للعاملين:
يجب توفير وصيانة دورات المياه بالمزرعة مع العناية بنظافتها.
توفير الصابون وفوط الاستخدام لمرة واحدة لغسل الأيدى، مع التأكيد على إستخدامها.
تنظيف وتطهير أماكن التخزين قبل إستخدامها.
تنظيف صناديق الجمع بالمياه المندفعة بشدة وتطهيرها قبل بدء عملية الحصاد.
تخزين الصناديق في الشمس المباشرة؛ لأن الأشعة فوق البنفسجية تساعد في التخلص من العديد من المسببات المرضية.
تلافي الوقوف داخل الصناديق أثناء الجمع؛ لتقليل فرص تلوثها بالمسببات المرضية عن طريق الأحذية.
دعوة الزوار إلى غسل أيديهم قبل الاشتراك في جمع الثمار.
توفير دورات مياه مناسبة للزوار، مع توفير المياه والصابون وفوط الاستخدام لمرة واحدة.
عدم استخدام الثمار الساقطة والمصابة بالأمراض والحشرات في أي مصنعات.
رابعاً: معاملات مابعد الحصاد:
تعزيز النظام الصحي للعاملين:
يجب وضع ملصقات في دورات المياه كتعليمات للعاملين بغسل أيديهم.
إستخدام مياه الشرب في كل عمليات الغسيل، مع وضع الكلورينبها ( بتركيز100 جزء في المليون) والمحافظة على PH=7، مع مراعاة أن تركيز الكلورين ينخفض كلما إتسخ الماء.
تطهير محطة التعبئة :
يجب تنظيف وتطهير أماكن التعبئة في نهاية كل يوم.
مكافحة كل الحيوانات والحشرات خاصة القوارض.
عدم السماح بالتدخين والأكل في أماكن التعبئة.
المحافظة على المحصول بارداً، إذا إن تبريدة بعد الجمع بسرعة يؤدي إلى خفض نمو أي مسببات مرضية ممكنة.
في حالة إستخدام الثلج في أحواض التبريد يجب أن يكون مصنوعا من ماء الشرب، ومراعاة أن تكون درجة حرارة ماء التبريد في أحواض الغسيل أقل من درجة حرارة المنتج.
تخزين المحصول على درجة الحرارة المناسبة؛ للمحافظة على الجودة، وتقليل فرصة التعرض للمسببات المرضية.
إن سلامة الغذاء هى مسئولية كل فرد في سلسلة التداول من أول المزرعة حتى مائدة المستهلك، فبالإضافة إلى المزارع هناك القائمون بالجمع والتعبئة وتجار التجزئة، والعاملون في مجال الخدمات الغذائية. وكذلك المستهلك في منزله. إن تطبيق هذه الاحتياطات تساهم في خفض مخاطر تلوث الخضر والفاكهة، وتعمل على سلامة الغذاء من أجل سلامة الجميع .
المصدر:
مجلة شمس العدد 37 - فبراير 2001
بقلم :
أ.د عواد حسين - مركز تداول الحاصلات البستانية بعد الحصاد- كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية
...