دعوات المكروب
إن المؤمن الحق متى ما استشعر ما ينتظره من جزاء صبره على المحن والشدائد هانت عليه محنه وشدائده، ولقد مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب المؤمن في هذه الدنيا بأسهل شيء وهي الشوكة يشاكها العبد بأن الله يكفِّر بها عنه من الخطايا·
إن المؤمن إذا اشتدت به الهموم وضاق عليه أمره فعليه باللجوء إلى الله تعالى وسؤاله تفريج الكروب وكشف الهموم والغموم، فلقد «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ» (1) ، وعن أنس أنه قال: «كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» (2)
إن الكروب إذا تناهت فقد آذنت بالانفراج، وإن العسر إذا اشتد فقد قرب اليسر، فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، وتأملوا قول الله سبحانه: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة:118
__________
(1) الترمذي 3446 وقال غريب، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي
(2) البخاري 2679، 5005، 5886، والنسائي 5358