مفهوم التوبة
التوبة في اللغة : بمعنى الرجوع، والعودة والندم
التوبة شرعا: عرفها الإمام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين": ترك المعاصي في الحال ، والعزم على تركها في الإستقبال ،وتدارك ما سبق من التقصير في سابق الأحوال.
عرفها ابن القيم- رحمه الله-:
(هي الندم على ما سلف منه في الماضي)
تبدل السيئات حسنات: فإذا حسنت التوبة بدل الله سيئات صاحبها حسنات، قال الله تعالى: " إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما" [الفرقان: 70]
أن الله يحب التوبة والتوابين: قال الله تعالى " إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين" [البقرة: 222]
أن الله يفرح بتوبة التائبين:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاءالله ، قال : أرجع إلى مكاني ، فرجع فنام نومة ، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده" [ متفق عليه]
توجب للتائب آثارا عجيبة من المقامات التي لا تحصل إلا بالتوبة:
فتوجب له المحبة ، والرقة ، واللطف ، و شكر الله ، وحمده والرضا عنه ، ومن ذلك حصول الذل ، والإنكسار ، والخضوع لله – عزوجل- وهذا أحب إلى الله من الأعمال الظاهرة و إن زادت في القدر والكمية على عبودية التوبة ، فالذل ، والإنكسار روح العبودية ، ولبها.
قلاع عنه في الحال ،والعزم على ألا يعاوده في المستقبل).
من فضائل التوبة و أسرارها
التوبة سبب للفلاح، والسعادة في الدارين: قال الله تعالى:" وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" [ النور: 31]
تكفر السيئات : قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار" [التحريم: 8]
مسائل في التوبة
هناك مسائل في التوبة يحسن الوقوف عندها ، والتنبيه عليها ، ومن ذلك ما يأتي :
أن باب التوبة مفتوح:
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله – عزوجل- " [ابن كثير]
أن التوبة توبتان:
واجبة ومستحبة ، فالتوبة الواجبة تكون من فعل المحرمات ، وترك الواجبات.
والتوبة المستحبة تكون من فعل المكروهات ، وترك المستحبات.
التوبة النصوح :
و هي الخالصة ، الصادقة ، الناصحة ، الخالية من الشوائب والعلل وهي التي تكون من جميع الذنوب ، فلا تدع ذنبا إلا تناولته.
التوبة الخاصة:
هي التي يتوب صاحبها من بعض الذنوب مع إصراره على بعضها الآخر ، كحال من يتوب من السرقة ، وهو مصر على شرب الخمر وهكذا...
وحكمها أنها تصح فيما تاب منه ما لم يصر على ذنب آخر من نوعه ، شريطة أن يكون صاحبها باقيا على أصل الإيمان.
التخلص من الحقوق ، والتحلل من المظالم :
فالتوبة تكون من حق الله ، وحق العباد ، فحق الله يكفي في التوبة منه أن يتوب فيما بينه وبين الله على نحو ما تقدم.
أما حق غير الله فيحتاج إلى التحلل من المظالم ، وأداء الحقوق إلى مستحقيها.
من أخطاء الناس في التوبة
هناك أخطاء يقع فيها بعض الناس في هذا الباب ، ومنها على سبيل الإجمال ما يأتي :
تأجيل التوبة :فيجب على العبد أن يبادر إلى التوبة من ذنوبه و أن يتوب من تأجيل توبته.
الغفلة عن التوبة مما يعلمه العبد من ذنوبه : فهناك ذنوب خفية ، وهناك ذنوب يجهل العبد العبد أنها ذنوب .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل ".
فقال أبوبكر : فكيف الخلاص منه يا رسول الله ؟ قال: "أن تقول : اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك و أنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم" رواه البخاري
ترك التوبة مخافة الرجوع للذنب.
ترك التوبة ، خوفا من لمز الناس ، أو سقوط المنزلة ، أو ذهاب الجاه والشهرة.
التمادي في الذنوب: إعتمادا على سعة رحمة الله.
الإغترار بإمهال الله للمسيئين:
اليأس من رحمة الله.
شروط التوبة:
قال النووي رحمه الله : " قال العلماء : التوبة واجبة من كل ذنب فإن كانت المعصية بي العبد و بين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط :
أحدها: أن يقلع عن المعصية .
الثاني: أن يندم على فعلها.
الثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا .
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة :
هذه الثلاثة ، وأن تبرأ من حق صاحبها ، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه....."
إعداد / محبكم في الله أحبك في الله