لماذا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
في الصلاة ، ولا نصلي على باقي الأمة من الصحابة وغيرهم . . !
الجواب :
الحمد لله
أولا :
التسليم لله ولرسوله أصل من أصول دين الإسلام ، الذي لا يتم إلا به
، قال تعالى
: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/ 65 .
والتسليم قاطع لمحالّ الشكوك ، مفسد على الشيطان وسوسته ، به
يحصل اليقين ويكمل الإيمان ، ولا يحتاج العبد معه إلى لِم؟ ولا كيف ؟
ثانيا :
الناس سواسية من حيث كونهم عبيدا لله ، ثم يتفاضلون بعد ذلك
بالتقوى ، كما قال الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/ 13 .
وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ
عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ
عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَبَلَّغْتُ ؟ )
قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه أحمد (22978)
وصححه الألباني في "الصحيحة" (2700) .
ثالثا :
السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عباد الله الصالحين
في الصلاة إنما يكون في التشهد ، ثم تكون بعد ذلك الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله .
فالسلام يكون على عموم عباد الله الصالحين في السماء والأرض ؛
كما روى البخاري (831) ومسلم (402) عن ابن مسعود قال :
" كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ :
( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ
وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ
عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)
أما الصلاة والبركة فالمشروع جعلها للنبي صلى الله عليه وسلم وآله
بعد التشهد .
وهذا التشريع ، وهذه الخصوصية ، إنما هو مما شرعه الله لنبيه صلى
الله عليه وسلم وأمر الناس بالاقتداء به فيه والعمل بسنته ، كما أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي )
رواه البخاري (631) .
والله تعالى يتفضل على من يشاء من عباده بما يشاء من فضله وجوده
، لا يسأل عما يفعل ، ولا يعارض شرعه بما قد يتهيأ في النفوس من
خيالات وأوهام ، وقد قال سبحانه وتعالى :
( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) آل عمران/ 74 .
وقال عز وجل : ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
المائدة/ 54 ، ومعلوم أن لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من
الخصوصية والفضيلة ، ما ليس لغيرهم .
ثم إن فضل الله قد حصل للصالحين من عباده بالسلام عليهم كما تقدم ،
ولا يلزم المساواة في الفضل بين الفاضلين في كل شيء بطبيعة الحال .
وقد علّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أصحابه الصلاة عليه حينما قالوا له :
" يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟
فقَالَ : ( قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى
آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) رواه البخاري (6357)
ومسلم (406) .
فهكذا تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل واحد منهم :
يا رسول الله ما بالنا نصلي عليك وعلى آلك ، ولا نصلي على أنبياء
الله ورسله ، ولا على أحد من أصحابك ولا أحد من أمتك ؟
وإنما قالوا كما أخبر الله عنهم وعن عباده المؤمنين :
سمعنا وأطعنا . وهذا هو الواجب علينا .
رابعا :
المراد بآل النبي صلى الله عليه وسلم : أزواجه وذريته وبنو هاشم
وبنو عبد المطلب ومواليهم . راجع جواب السؤال رقم : (10055) .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب