عبادة التفكر بخلق الله...........
عن عطاء بن ابي رباح قال : دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال لها عبيد بن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فبكت عائشة ثم قالت : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي فقال : « يا عائشة ذريني اتعبد لربي قالت : فقلت والله اني لاحب قربك واحب ما يسرك قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره ثم بكى ، فلم يزل يبكي حتى بل الارض وجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم افلا اكون عبدا شكوراً؟! لقد نزلت عليّ الليلة آيات ، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها . { إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأُولي الألباب } . الآيات 190-آل عمران
قال تعالى:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190)الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) )آل عمران)
(هَذَاخَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِه بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )
قال تعالى:"أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ" ( (20) (لقمان
قال تعالى:"يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ , وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
"وقال تعالى: "وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ
"قال عمر بن عبد العزيز"التامل فى نعم الله افضل عبادة
"وقال ابو الحسن"تفكر ساعة خير من قيام ليلة
"وقال يوسف بن اسباط "ان الدنيا لم تخلق لينظر اليها بل لينظر بها الى الاخرة
ولهذا حرص الصالحين على ان يتفكروا وهم يسبحون الله ويحمدونه و يكبرونه و يوحدونه لان اجتماع الذكر والفكر معاً يعمقان معرفة الله فى القلب والعقل ولينتج عنهما معاً عابد عن علم وليس عن جهل وتقليد قال الله تعالى:"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ "الزمر9
وللتفكر في خلق الله وآلائه جملة من الفوائد منها :
1) التفكر يزيد الإيمان أكثر مما يزيده العمل. إن التفكر في خلق الله تعالى ليزيد الإيمان في القلب ويقويه ويرسخ اليقين، ويجلب الخشية لله تعالى وتعظيمه، وكلما كان الإنسان أكثر تفكرا وتأملا في خلق الله وأكثر علما بالله تعالى وعظمته كان أعظم خشية لله تعالى كما قال سبحانه: ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) .
2) التفكر من أعمال القلب،وأعمال القلب افضل من أعمال الجوارح باتفاق العلماء.
3) يبعث على التواضع أمام عظمة الله تبارك وتعالى، ويبعث على حسن الظن بالله عز وجل.
4) يؤدي إلى العمل بآيات كثيرة من كتاب الله تعالى والعمل بسنة النبي صلى الله عليه و سلم.
5) يفتح آفاق العلم و الإيمان مما لم يكن معلوماً قبل ذلك؛ لان الفكرة تجر الفكرة.
وهكذا يتبين أن التفكر في خلق الله تعالى من صفات المؤمنين الصادقين، أولي الألباب، وأصحاب العقول السليمة الراشدة .. فينبغي للمسلم أن يعتني به، فإن الإنسان مع طول الزمن والغفلة قد يتبلد إحساسه، فيغفل عن النظر والتفكر فيما حوله من المخلوقات العظيمة في هذا الكون.
سبحان الله الذي خلق فأبـــــدع
سبحان الله الذي خلق فأحـسـن
سبحان الله الذي خلق فـســوى
سبحان الله الذي خلق فـجــمـل