هناكـ آيات تستحق التدبر والوقوف طويلاً ،
فالله تعالى أمرنا أن نعفو عمن أساء إلينا حتى ولو كان أقرب الناس إلينا ..!
فما هو سر ذلكـ ..؟
ولماذا يأمرنا القرآن بالعفو دائماً ولو صدر من أزواجنا وأولادنا ..؟
يقول تعالى :
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] .
طبعاً كمؤمنين لابد أن نعتقد أن كل ما أمرنا به القرآن الكريم فيه النفع والخير
وكل ما نهانا عنه فيه الشر والضرر
فما هي فوائد العفو ..؟
وماذا وجد العلماء والمهتمين بسعادة الإنسان حديثاً من حقائق علمية حول ذلكـ ..؟
في كل يوم يتأكد العلماء من شيء جديد في رحلتهم لعلاج الأمراض المستعصية
وآخر هذه الاكتشافات ما وجده الباحثون من أسرار التسامح ..!
فقد أدركـ علماء النفس حديثاً أهمية الرضا عن النفس ،
وعن الحياة وأهمية هذا الرضا في علاج الكثير من الاضطرابات النفسية
وفي دراسة نشرت على مجلة ( دراسات السعادة )
اتضح أن هناكـ علاقة وثيقة بين التسامح والمغفرة والعفو من جهة
وبين السعادة والرضا من جهة ثانية .!
فقد جاؤوا بعدد من الأشخاص وقاموا بدراستهم دراسة دقيقة ..
درسوا واقعهم الاجتماعي ، ودرسوا ظروفهم المادية ، والمعنوية ..
ووجهوا إليهم العديد من الأسئلة التي تعطي بمجموعها مؤشراً على سعادة الإنسان في الحياة ..
وكانت المفاجأة أن الأشخاص الأكثر سعادة هم الأكثر تسامحاً مع غيرهم..!!
فقرروا بعد ذلكـ إجراء التجارب لاكتشاف العلاقة بين التسامح ،
وبين أهم أمراض العصر مرض القلب
وكانت المفاجأة من جديد : أن الأشخاص الذين تعودوا على العفو ،
والتسامح ، وأن يصفحوا عمن أساء إليهم
هم أقل الأشخاص انفعالاً .!
وتبين بنتيجة هذه الدراسات أن هؤلاء المتسامحون لا يعانون من ضغط الدم ،
وعمل القلب لديهم فيه انتظام أكثر من غيرهم !
ولديهم قدرة على الإبداع أكثر ، وكذلكـ خلصت دراسات أخرى إلى أن التسامح يطيل العمر
فأطول الناس أعماراً هم أكثرهم تسامحاً .. ولكن لماذا .. ؟
لقد كشفت هذه الدراسة أن الذي يعود نفسه على التسامح ، ومع مرور الزمن
فإن أي موقف يتعرض له بعد ذلكـ لا يحدث له أي توتر نفسي ،
أو ارتفاع في ضغط الدم مما يريح عضلة القلب في أداء عملها
كذلكـ يتجنب هذا المتسامح الكثير من الأحلام المزعجة ، والقلق ، والتوتر
الذي يسببه التفكير المستمر بالانتقام ممن أساء إليه .
ويقول العلماء : إنكـ لأن تنسى موقفاً مزعجاً حدث لكـ
أوفر بكثير من أن تضيع الوقت وتصرف طاقة كبيرة من دماغكـ للتفكير بالانتقام ..!
وبالتالي فإن العفو يوفر على الإنسان الكثير من المتاعب
فإذا أردت أن تسُرَّ عدوكـ .. فكِّر بالانتقام منه ، لأنكـ ستكون الخاسر الوحيد .. !!!
بينت الدراسات أن العفو والتسامح يخفف نسبة موت الخلايا العصبية في الدماغ
ولذلكـ .. تجد أدمغة الناس الذين تعودوا على التسامح وعلى المغفرة أكبر حجماً وأكثر فعالية
وهناكـ بعض الدراسات تؤكد أن التسامح يقوي جهاز المناعة لدى الإنسان
وبالتالي هو سلاح لعلاج الأمراض !
وهكذا يا أحبتي ندركـ لماذا أمرنا الله تعالى بالتسامح والعفو
حتى إن الله جعل العفو نفقة نتصدق بها على غيرنا !
يقول تعالى :
[color:1300="rgb(160, 82, 45)"][ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ] .
وطلب منا أن نتفكر في فوائد هذا العفو ،
ولذلكـ ختم الآية بقوله : [color:1300="rgb(160, 82, 45)"][ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ] فتأمل ..!
بسبب الأهمية البالغة لموضوع التسامح والعفو فإن الله تباركـ وتعالى قد سمى نفسه ( العفوّ )
يقول تعالى :
[color:1300="rgb(160, 82, 45)"][ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ] .
وقد وجد بعض علماء البرمجة اللغوية العصبية أن أفضل منهج لتربية الطفل السوي هو التسامح معه!!
فكل تسامح هو بمثابة رسالة إيجابية يتلقاها الطفل
وبتكرارها يعود نفسه هو على التسامح أيضاً ..
وبالتالي يبتعد عن ظاهرة الانتقام المدمرة والتي للأسف يعاني منها اليوم معظم الشباب !
ولذلكـ .. فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأخذ العفو
فنعفو عن أصدقاءنا الذين أساؤوا إلينا ،
نعفو عن زوجاتنا وأولادنا ، نعفو عن طفل صغير أو شيخ كبير
نعفو عن إنسان غشنا أو خدعنا وآخر استهزأ بنا ...
لأن العفو والتسامح يبعدكـ عن الجاهلين ويوفر لكـ وقتكـ وجهدكـ
وهكذا يقول تعالى :
[color:1300="rgb(160, 82, 45)"] [ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ] .
منقول