السلطان الظاهر بيبرس - القاهرة
انشأ جامع السلطان الظاهر بيبرس فى الفترة من 665-667 هجرية الموافق 1267 - 1269 ميلادية.
كان بيبرس فى بادئ الأمر مملوكا للأمير علاء الدين إيدكين البندقدارى ثم أصبح من جملة مماليك الملك الصالح نجم الدين الأيوبى. ولما توسمه فيه من الفطنة والذكاء أعتقه.
وظل يترقى فى مناصب الدولة إلى أن تمكن بدهائه وسياسته من تبوء عرش مصر وولى ملكها سنة 658 هجرية الموافق 1260 ميلادية وتلقب بالملك الظاهر.
وكان من أعظم سلاطين دولة المماليك البحرية وقد لازمه التوفيق فى حروبه ضد الصليبيين والتتار وأخضع من تمرد عليه من أمراء الشام وصار يتنقل من نصر إلى نصر ومن توفيق إلى توفيق إلى أن وافته المنية سنة 676 هجرية الموافق 1277 ميلادية ولم تكن شواغله الحربية لتعوقه عن الاهتمام بالعمارة والإنشاء فترك الكثير من المنشآت الدينية والمدنية كان من أهمها جامعه العظيم الواقع بميدان الظاهر الذى شرع فى إنشائه سنة 665 هجرية الموافق 1267 ميلادية وأتمه فى سنة 667 هجرية الموافق 1269 ميلادية.
يعتبر هذا الجامع من أكبر جوامع القاهرة حيث تبلغ مساحته 103 فى 106 مترات ولم يبق منه سوى حوائطه الخارجية وبعض عقود رواق القبلة. كما أبقى الزمن على كثير من تفاصيله الزخرفية سواء الجصية منها أو المحفورة فى الحجر.
وتعطينا هذه البقايا فكرة صحيحة عما كان عليه الجامع عند إنشائه من روعة وجلال.
وتخطيطه على نسق غيره من الجوامع المتقدمة يتألف من صحن مكشوف يحيط به أروقة أربعة أكبرها رواق القبلة كانت عقودها محمولة على أعمدة رخامية فيما عدا المشرفة منها على الصحن فقد كانت محمولة على أكتاف بنائية مستطيلة القطاع كذلك صف العقود الثالث من شرق كانت عقوده محمولة على أكتاف بنائية أيضا.
أما عقود القبة التى كانت تقع أمام المحراب فإنها مرتكزة على أكتاف مربعة بأركانها أعمدة مستديرة. وكانت هذه القبة كبيرة مرتفعة على عكس نظائرها فى الجوامع السابقة فإنها كانت صغيرة متواضعة.
أما وجهات الجامع الأربع فمبنية من الحجر الدستور فتحت بأعلاها شبابيك معقودة وتوجت بشرفات مسننة وامتازت بأبراجها المقامة بأركان الجامع الأربعة وبمداخلها الثلاثة البارزة عن سمت وجهاتها.
ويقع أكبر هذه المداخل وأهمها فى منتصف الوجهة الغربية قبالة المحراب. وقد حلى هذا المدخل كما حلى المدخلان الآخران الواقعان بالوجهتين البحرية والقبلية بمختلف الزخارف والحليات فمن صفف معقودة بمخوصات إلى أخرى تنتهى بمقرنصات ذات محاريب مخوصة إلى غير ذلك من الوحدات الزخرفية الجميلة اقتبس أغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية.
وكانت المنارة تقع فى منتصف الوجهة الغربية أعلى المدخل الغربى، وقد أصبح الجامع الآن متنزها عاما إذا استثنينا قسما من رواق القبلة مخصصا لإقامة الشعائر الدينية.
المصدر: موقع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - وزارة الأوقاف المصرية[/b]
مسجد محمد على - القاهرة
أنشأ مسجد محمد على الكبير بالقلعة فى الفترة 1246-1265 هجرية الموافق 1830-1848 ميلادية.
ظلت القلعة منذ أنشأها صلاح الدين الأيوبى مقرا للحكم فى الدولة الأيوبية ودولة المماليك، وفى عهد الولاة العثمانيين ثم فى عهد الأسرة العلوية، واستمرت كذلك إلى عصر المغفور له الخديو إسماعيل حيث اتخذ قصر عابدين العامر مقرا للملك.
وقد أخذ المغفور له محمد على الكبير رأس الأسرة العلوية ومؤسس مصر الحديثة، بعد أن قام بإصلاح أسوار القلعة، وفى إنشاء القصور والمدارس ودواوين الحكومة بها، وتوج منشآته هذه بإنشاء مسجده العظيم الذى يشرف على مدينة القاهرة بقبابه ومآذنه رمز للعزة والسؤدد.
وقد شرع فى إنشائه سنة 1246 هجرية الموافق 1830 ميلادية على أطلال أبنية قديمة مخلفة من مبانى المماليك وتمت عمارته فى سنة 1265 هجرية الموافق 1848 ميلادية، وفى عهد المغفور له عباس باشا الأول تمت نقوشه وزخارفه.
وقد بنى هذا المسجد على نسق المساجد العثمانية المشيدة فى إستانبول، وتخطيطه مربع الشكل طول ضلعه 41 مترا، تغطيه فى الوسط قبة كبيرة قطرها 21 مترا وارتفاعها 52 مترا محمولة على أربعة عقود كبيرة مرتكزة على أربعة أكتاف ضخمة، وحول هذه القبة أربعة أنصاف قباب، فى كل جهة نصف قبة، وتغطى أركان المسجد أربع قباب صغيرة، ذلك عدا نصف قبة أخرى تغطى بروز القبلة الناتىء من الجنب الشرقى للمسجد.
ويكسو جدرانه من الداخل والأكتاف الأربعة بارتفاع 11.30 متر كسوة من المرمر تعلوها نقوش ملونة، ويحلى القباب وأنصاف القبة زخارف بارزة منقوشة ومذهبة.
وفى الجهة الغربية من المسجد تقوم دكة المبلغ وهى محولة على أعمدة وعقود من المرمر، واتخذ درابزينها ودرابزينات ممرات القباب من البرنز المشغول.
وفى الركن الغربى القبلى منه يقع قبر المغفور له محمد على الكبير تعلوه تركيبة رخامية مدقوق بها زخارف وكتابات جميلة، ويحيط به مقصورة من البرنز المشغول بشكل بديع، أمر بعملها المغفور له عباس باشا الأول.
والمنبر الأصلى للمسجد هو المنبر الكبير المصنوع من الخشب المحلى بزخارف مذهبة، أما المنبر المرمرى الصغير الواقع إلى يسار المحراب، فقد أمر بعمله حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق فى سنة 1358 هجرية الموافق 1939 ميلادية.
ويضاء المسجد بالثريات البلورية الجميلة تحيط بها مشكاوات زجاجية نسقت بأشكال بديعة. ويقوم على طرفى الجنب الغربى للمسجد منارتان رشيقتان أسطوانيتا الشكل بنيتا أيضا على طراز المآذن التركية، وارتفاع كل منهما 82 مترا من الأرض.
وللمسجد ثلاثة أبواب أحدها فى منتصف الجنب البحرى، والثانى فى مقابله فى منتصف الجنب القبلى، والثالث فى منتصف الجنب الغربى، ويؤدى إلى صحن متسع مساحته 53 فى 53 مترا يغلف جدرانه كسوة من المرمر، ويحيط به أربعة أروقة عقودها وأعمدتها من المرمر أيضا، وبوسطه مكان الوضوء وهو عبارة عن قبة محمولة على ثمانية أعمدة لها رفرف محلىبزخارف بارزة مذهبة، كما أن باطن القبة محلى بنقوش ملونة ومذهبة تمثل مناظر طبيعية، والقبة مكسوة كقباب المسجد بألواح من الرصاص وبأسفلها صهريج المياه وهو مثمن تغطيهقبة صنعت جميعها من المرمر المدقوق بزخارف بارزة.
ويقوم أعلى منتصف الرواق الغربى للصحن برج من النحاس المزخرف بداخله ساعة دقاقة أهداها ملك فرنسا لويس فليب إلى المغفور له محمد على سنة 1845 ميلادية. وللصحنبابان أحدهما فى الجنب البحرى منه، والثانى يقابله فى الجنب القبلى.
ويكسو الجزء الأسفل من وجهاته مرمر بارتفاع يقرب من ارتفاع الكسوة الداخلية، ويقوم أمام وجهتيه البحرية والقبلية رواقان اتخذت عقودهما وأعمدتها من المرمر أيضا.
وفى أواخر القرن الماضى - التاسع عشر- ظهرت بالمسجد بوادر خلل فى مبانيه عولجت فى سنة 1899 ميلادية بتقوية الأكتاف الأربعة وبإحاطة أرجل العقود بأحزمة من الحديد، إلا أن هذا العلاج لم يكن حاسما حيث ابتدأت تظهر منذ ذلك الحين مقدمات خلل أخرى من شروخ وانفصالات فى أجزاء متفرقة من المسجد كانت من الخطورة بحيث أمر المغفور له الملك فؤاد الأول فى سنة 1931 ميلادية بإعداد مشروع شامل لإصلاح المسجد إصلاحا كاملا، فأعد المشروع على أساس هدم جميع القباب وإعادة بنائها، ثم نقشها وتذهيبها، وقد تم القسم الأول من المشروع، وهو الهدم وإعادة البناء فى عهد المغفور له الملك فؤاد، وتم القسم الثانى الذى تضمن أعمال النقش والتذهيب والرخام فى عهد جلالة الملك فاروق، وبلغت نفقات الإصلاح جميعها مائة ألف جنية.
وتفضل جلالة الملك فاروق الأول بافتتاح المسجد بعد إتمام إصلاحه فى سنة 1358 هجرية الموافق 1939 ميلادية.
ولا يزال المسجد منذ ذلك التاريخ موضع العناية والرعاية من جلالة الفاروق، فقد أمر حفظه الله بعمل المنبر الرخامى القائم إلى جوار المحراب، حتى يواجه الخطيب جميع المصلين، ثم أمر بسد شبابيك دخلة القبلة بالألبستر، مما زاد فى بهاء هذه الدخلة، كما أمر بتزيين طاقية المحراب بلفظ الجلالة - الله - فى الوسط تحيط بها خطوط بارزة وبأسفلها آية من القرآن الكريم ذهبت جميعها.
ويعتبر هذا المسجد علما من أبرز أعلام القاهرة، إذ يستطيع كل وافد إليها أن يراه فى أول ما يرى منها عند دخوله إليها من أية جهة من جهاتها.
انشىء المشهد الحسينى سنة 549 هجرية = 1154/ 55م لينتقل إليه رأس الحسين بن على بن أبى طالب ولم يبق منه الآن غير الباب المعروف بالباب الأخضر الذى يقع شرق الوجهة القبلية للمسجد أما المئذنة المقامة فوق الباب فيستدل من كتابة تاريخية على لوحة مثبتة أسفلها أنها بنيت سنة 634 هجرية = 1237م فى أواخر العصر الأيوبى.
وهذه لم يبق منها أيضا سوى قاعدتها المربعة التى تحليها زخارف جصية بديعة أما ما يعلوها فقد جدده الأمير عبد الرحمن كتخدا كما جدد المشهد والقبة المقامة على الضريح سنة 1175 هجرية = 1761/ 62م وقد حليت هذه القبة من الداخل بالنقوش الملونة التى يتخللها التذهيب وكسى محرابها والجزء الأسفل من جدرانها بوزرة من الرخام الملون.
ولما تولى الخديوى إسماعيل سنة 1279 هجرية = 1863م أمر بتجديد المسجد وتوسيعه فبدئ فى العمل سنة 1280 هجرية = 1864م وتم سنة 1290 هجرية = 1873م فيما عدا المئذنة التى كمل بناؤها سنة 1295هجرية = 1878م.
ويشتمل المسجد على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية ومحرابه من الخردة الدقيقة التى اتخذت قطعها الصغيرة من القاشانى الملون بدلا من الرخام وهو مصنوع سنة 1303 هجرية = 1886م وبجانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدى إلى حجرة المخلفات التى بنيت سنة 1311 هجرية = 1893م حيث أودعت فيها المخلفات النبوية.
والمسجد مبنى بالحجر الأحمر على الطراز الغوطى أما منارته التى تقع فى الركن الغربى القبلى فقد بنيت على نمط المآذن العثمانية فهى أسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهى بمخروط.
وللمشهد ثلاثة أبواب بالوجهة الغربية وباب بالوجهة القبيلة وآخر بالوجهة البحرية يؤدى إلى صحن به مكان الوضوء.
وكان من أهم ما عثر عليه فى المشهد الحسينى تابوت خشبى جميل وجد مودعا فى حجرة أسفل المقصورة النحاسية وسط القبة يتوصل إليها من فتحتين صغيرتين بالأرضية وأول من شاهده وأشار إليه هو المرحوم السيد محمد الببلاوى شيخ المسجد الحسينى فى كتابه - التاريخ الحسينى- سنة 1321 هجرية = 1903م.
ولم يكن قد شاهده أو عاينه أحد من علماء الآثار أو المشتغلين بها إلى أن كانت سنة 1939م حيث أمر حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول بإصلاح أرضية القبة وفرشها بالرخام فانتهزت إدارة حفظ الآثار العربية هذه الفرصة للتحقق من وجود هذا التابوت ولما وجدته وعاينته تبين لها أنه تحفة فنية رائعة جديرة بالحفظ والصيانة فرفعته من مكانه وأصلحته ثم نقلته إلى دار الآثار العربية ليعرض بها.
ولهذا التابوت ثلاثة جوانب وهو مصنوع من خشب التك المستورد من جزر الهند الشرقية وقد قسمت وجهته وجانباه إلى مستطيلات يحيط بها ويفصلها بعضها عن بعض إطارات محفورة بالخطين الكوفى والنسخ المزخرفين وتجمعت هذه المستطيلات على هيئة أشكال هندسية بداخلها حشوات مزدانة بزخارف نباتية دقيقة تنوعت أشكالها وأوضاعها وأحيطت بعض هذه الحشوات بكتابات منها - نصر من الله وفتح قريب - الملك لله -..الخ..
وجميع الكتابات المحفورة على أوجه هذا التابوت آيات قرآنية ولا يوجد بينها أى نص يشير إلى تاريخ صنعه أو اسم الآمر بعمله إلا أن روح الزخارف وطرازها وقاعدة الكتابات واجتماع الخطين الكوفى والنسخ ومقارنته بتابوت الإمام الشافعى المصنوع سنة 574 هجرية = 1178م كل ذلك يدل على أنه صنع فى العصر الأيوبى والمرجح أن يكون الآمر بعمله هو السلطان صلاح الدين الأيوبى.
المصدر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - وزارة الأوقاف