تاريخ المدينة تلعب القدس دورًا أساسيًا عند الحديث عن القومية العربية عمومًا والوطنية الفلسطينية خصوصًا، وكذلك بالنسبة للقومية الإسرائيلية أو الصهيونية، لذا فإن الحديث عن تاريخها الطويل، الذي يمتد لأكثر من 5,000 سنة، غالبًا ما يأخذ منحى متحيزًا من الناحية الأيديولوجية. فعلى سبيل المثال، يُركز القوميون الإسرائيليون على الحقبة التاريخية التي استوطن فيها بنو إسرائيل أرض فلسطين ويزعمون بأن جميع يهود العالم اليوم يتحدرون من أولئك القوم إلى جانب المكابيين، مما يدعم قضيتهم الهادفة إلى توطين يهود العالم في فلسطين ويعزز من موقفهم أمام الشعوب المختلفة، حيث يُظهرون أنهم الورثة الشرعيين للمدينة والبلاد ككل. ومن ناحية أخرى، يُركز القوميون العرب والفلسطينين على الحقبتين المسيحية والإسلامية وغيرها من الحقبات غير الإسرائيلية في تاريخ المدينة، مما يدعم قضيتهم التي تقول بأن الفلسطينيين الحاليين هم ورثة المدينة والبلاد بما أنهم يتحدرون من جميع الشعوب والأمم التي سكنت القدس وفلسطين عبر العصور وتزاوجت واختلطت. وكنتيجة لهذا التباين، يزعم كل من الإسرائيليين والفلسطينيين أن الطرف الآخر يُحرّف التاريخ لتحقيق مصالحه الخاصة والقضاء على مصالح الآخر، ولتأييد إدعائه بأحقيته بالمدينة،وبطبيعة الحال فإن كل طرف وجد المؤيدين لرأيه، وأغلبهم من ذات القومية، والمعارضين، وأغلبهم من القومية الأخرى.
العهد الكنعانى أظهرت بعض التنقيبات الأثرية وجود بعض الأواني الخزفية في مدينة داود، الواقعة ضمن حدود القدس حاليًا، والتي تعود لحوالي الألفية الرابعة قبل الميلاد، أي منذ العصر النحاسي، وأظهرت اكتشافات أخرى وجود مستعمرة بشرية قامت خلال أوائل العصر البرونزي (ما بين عاميّ 3000 و 2800 ق.م تقريبًا)، ويقول بعض المؤرخين أن من أسسها هم الكنعانيون الذين سكنوا فلسطين في الألف الثالث قبل الميلاد، وخلال هذه الفترة قدم إليها العرب الساميون في هجرتين كبيرتين: الأولى في بداية الألف الثالث قبل الميلاد، والثانية في بداية الألف الثاني قبل الميلاد،بينما يقول آخرون، مثل عالمة الآثار البريطانية كاتلين كينيون، أن القدس تأسست على يد قوم ساميين شماليين غربيين حوالي سنة 2600 قبل الميلاد.[معلومة 5] ورد أول ذكر لتجمع سكاني في موقع القدس في رسائل اللعنة الفرعونية من القرن الثامن عشر قبل الميلاد، ويُذكر موقع القدس فيها باسم أشمام كأحد تجمعات العدو الذي يجب لعنه كي لا يضر بالجيوش المصرية.
تنص التوراة على أن المدينة تأسست على يد شام بن نوح، وعابر حفيد شام، من أسلاف النبي إبراهيم (وهو أبو الأنبياء جميعا وجدهم)، وسكنها في ذلك الوقت شعب يُعرف بشعب اليبوسيين، فسُميت المدينة "يبوس" تيمنًا بسكانها. ازدهرت المدينة في عهد ملكي صادق، وهو أحد ملوك اليبوسيين خلال فترة بعثة إبراهيم، واستمر الوضع كما هو إلى حين عهد يشوع، عندما دخلت المدينة في نطاق الأراضي الخاضعة لبني بنيامين،[يشوع 28/18] إلا أنها استمرت مأهولة باليبوسيين بعد أن لم يتمكن بنو بنيامين من طردهم. سيطر الملك والنبي داود على المدينة حوالي سنة 1000 ق.م، بعد أن احتلها من اليبوسيين، وجعل منها عاصمة لمملكته. أظهرت أعمال التنقيب مؤخرًا وجود أساسات حجرية ضخمة في وسط القدس، قال الإسرائيليون بأنها بقايا هيكل داود، وقد توقفت أعمال التنقيب بعد أن صرّح الخبراء باعتقادهم هذا، إلى حين أن يتم التصديق على هذا الأمر من قبل مفسري التوراة.
عهد الهياكل (الاكذوبة اليهودية) تنص المخطوطات العبرانية على أن النبي داود دام حكمه لمملكة إسرائيل 40 عامًا، وبالتحديد حتى سنة 970 ق.م، وبعد وفاته خلفه ولده سليمان الذي حكم طيلة 33 عامًا وفي عهده تمّ تشييد هيكل المدينة على جبل موريا، بالإضافة إلى هيكل سليمان الشهير، الذي يلعب دورًا مهمًا عند اليهود، كونه يمثل المستودع الذي حُفظ فيه تابوت العهد وفقًا للمعتقد اليهودي. أصبحت القدس تُسمى بالمدينة المقدسة في عام 975 ق.م، وشكّلت عاصمة لمملكة إسرائيل الموحدة، وبعد وفاة سليمان انقسمت المملكة إلى قسمين شمالي وجنوبي وذلك بعد تمرد الأسباط العبرية الشمالية بسبط يهوذا الجنوبي الذي كان آل داود ينتمون إليه. سُمي القسم الجنوبي بمملكة يهوذا في الجنوب، وأصبحت القدس عاصمة لها تحت قيادة رحبعام بن سليمان. وفي سنة 587 ق.م، احتل الملك البابلي "نبوخذ نصّر الثاني" مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوك اليهود "صدقيا بن يوشيا"، ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه، وعاث في المدينة دمارًا وخرابًا وأقدم على تدمير هيكل سليمان، مما أنهى الفترة التي يُطلق عليها المؤرخون تسمية "عهد الهيكل الأول".
بعد 50 سنة من السبي إلى بابل، سمح الملك الفارسي قورش الكبير عام 538 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس وإعادة بناء الهيكل المهدم،[52] فعاد عدد من اليهود إلى القدس وشرعوا ببناء الهيكل الثاني، وانتهوا من العمل به سنة 516 ق.م، في عهد الملك الفارسي دارا الأول، وعُرف فيما بعد بمعبد حيرود تيمنًا بملك اليهود حيرود الكبير الذي قام بتوسيعه.[53][54] وحوالي سنة 445 ق.م، أصدر الملك الفارسي "أرتحشستا الأول" مرسومًا سمح فيه لسكان المدينة بإعادة بناء أسوارها،[55] واستمرت المدينة عاصمة لمملكة يهوذا طيلة العقود التي تلت. فقدت الإمبراطورية الفارسية فلسطين بما فيها القدس لصالح القائد والملك المقدوني، الإسكندر الأكبر، عام 333 ق.م، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون البطالمة في حكم المدينة، واستولى عليها في العام نفسه بطليموس الأول وضمها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق.م. ثم في عام 198 ق.م، خسر بطليموس الخامس القدس ومملكة يهوذا لصالح السلوقيين في سوريا، بقيادة أنطيوخوس الثالث الكبير. حاول الإغريق أن يطبعوا المدينة بطابعهم الخاص ويجعلوا منها مدينة هيلينية تقليدية، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل سنة 168 ق.م، عندما قام المكابيين بثورة على الحاكم أنطيوخوس الرابع، تحت قيادة كبير الكهنة "متياس" وأبنائه الخمسة، ونجحوا بتأسيس المملكة الحشمونائيمية وعاصمتها القدس سنة 152 ق.م. استولى قائد الجيش الروماني "پومپيوس الكبير"، على القدس في عام 63 ق.م بعد أن استغل صراعًا على سدّة المُلك بين الملوك الحشمونائيمية، وبهذا ضُمت القدس إلى الجمهورية الرومانية.
http://uptodatehr.blogspot.com/2012/03/blog-post_2856.htm